الأربعاء، 6 يوليو 2022

" لا يولد الانسان مجرما "..............منيرة الغانمي ـ تونس

لا يولد الانسان مجرما
حقيقة يتفق عليها الجميع لا يولد الانسان مجرما ولكنه يعيش من الظروف ما يجعلها في يوم من الأيام مجرما وهذه الظروف نختلف نحن كبشر في مدى تحملها وتجاوزها وحسن التعامل معها.

كأي انسان يمتلك فطرة سليمة سوية تفاعلت مع مقتل طالبة المنصورة نيرة أشرف وفي الحقيقة الواقعة لم تحرك بداخلي الكثير غير الامتعاض من بشاعة الجريمة وارتفاع المطرد والمخيف في الوطن العربي وليس في مصر وحدها.

لكن ومع متابعتي لملابسات هذه القضية واطلاعي على تفاصيلها استغربت كيف يمكن للانسان أن يتحول من النقيض إلى النقيض؟

كيف لطالب مجتهد الأول على دفعته لمدة ثلاث سنوات متتالية يتيم الأب من اسرة متواضعة وملتزمة اخلاقيا ودينيا أن يتحول من طالب متميز بعلمه واخلاقه إلى مجرم؟

وبالمتابعة للكثير من المواقع ولحديث محاميه الأستاذ أحمد حمد وعندي استماعي لكلام المتهم محمد عادل نفسه عندما سأله القاضي عن يوم الواقعة ولماذا كان يحمل سكينا

وكانت إجابته واضحة أنه يومها لم يفكر في قتل الفتاة ولا في أذيتها والسكين كانت معه بحكم دفاعا عن نفسه نظرا للتهديدات الت تلقاها من أصدقاء نيرة أشرف كم أضاف أنه يوم الواقعة تعرض للسخرية والتنمر منها ومن اصدقاءها في الحافلة مما جعلها يقتلها كرد فعل على كل الاهانات التي تعرض لها,

ومع ذلك لم يؤخذ بهذا الكلام وكأن القاضي لم يسمعه، وبقي التشديد على أن الموضوع يتعلق بقضية قتل مع سبق الإصرار والترصد مع أن الحقيقة أنه التوصيف القانوني والواقعي السليم هو الضرب حتى الموت

لأن من أركان جرينة القتل العمد مع سبق الاصرار والترصد هو التحضير المسبق للجريمة من خلال تحضير السلاح واختيار المكان
وهنا لا اعتقد أن الشاب محمد عادل اختار أن يرتكب جريمته أمام الجامعة التي شهدت له بحسن الخلق والتميز العلمي

ومن المؤسف في هذه القضية الاستماع لطرف دون آخر والاحاطة بطرف دون آخر إضافة إلى السرعة في الجلسات والنطق بالحكم وكأن الحكم هنا جاء ليرضي االرأي أو ليكمم الأفواه عن قضايا أخطر

فالمهم برأيي في هذه القضية هو البحث في دوافع الجريمة وليس في الجريمة ذاتها لأن القصاص الرباني هو جزاء للإصلاح وليس انتقاما ممن ارتكب الجرم .

في جلسة 6\7\2022 تم النطق بالحكم وهو الاعدام شنقا للطالب محمد عادل وفي غضون ستون يوما سيتم تقديم مذكرة النقض من محامي المتهم وأتمنى ان يقبل النقض ويلغى الاعدام أو انه سيرفض النقض ويعدم هذا الشااب الذث قُتِلَ هو نفسيا ومعنويا من القتيلة وأهلها باستغلاله والتنمر عليه والسخرية منه قبل أن يرتكب هو القتل االمادي في حقهاا .

وجميعنا يعرف أن القتل النفسي والمعنوي أخطر بكثير من القتل االمادي المؤدي إلى الموت .

الله يرحم القتيلة نيرة أشرف ويفك كرب الشاب محمد عادل

علما أن هذا الشاب هو الأخ الأكبر لبنتين وهو يتيم االأب مذ كان سنه سبع سنوات وهو الآن يبلغ من العمر 21 سنة .

صحيح نطالب بالقصاص في جرائم القتل ولكن القصاص العادل وليس القصاص الظالم لأن الظلم لا شك أنه يورث ظلمات .

القصاص الذي يأخذ بعين الاعتبار ظروف الجريمة ودوافعها لأن الغاية هي الردع حتى يقع الحد من انتشار الجريمة ، فلننقذ العدالة من الظلم الهوى والنفس حتى لا يصبح يوما ما جنس المجني عليه ظرفا من ظروف التشديد فاالله حرم قتل النفس في العموم ولم يكن هناك تمييز على أساس الجنس في قتل النفس.

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالمعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنْ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ (البقرة: 178).
\\
بقلم منيرة الغانمي ـ تونس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق