الأحد، 9 أبريل 2017

شعوبنا و" المناسبتية ". بقلم .. منيرة الغانمي ـ تونس


صلاح الحال يكون بالفعل لا بالانفعال

شعوبنا و" المناسبتية ".

بعد فترة من الركود تحكّمت في عقلية الشعوب العربية والتي اتسمت بالصمت والخنوع الكامل أمام كل الأحداث السابقة ، ظهر لدينا ما يمكن تسميته بالمناسبتية 
وهي أن الصحوة ترتبط ارتباطا عضويا ووثيقا في إطاري الزمان والمكان بمناسبة 
أو حدث يحصل في جهة من جهات البلاد العربية .
هذه " المناسبتية " هي عقلية تحكّمت بالفرد والمجموعة بحيث صرنا عبيدا لها 
وكأن أنفسنا تربّت على الانعكاس الشرطي الآلي المبرمج والخارجي دون وعي وإدراك فأصبحت الغريزة هي الدافع الأصلي أو المثير لكل تحرك 
فنرى مع مع كل حدث الكل ينتفض ، يكتب ، يعبّر ...
في حقيقة الأمر تلك الانتفاضة لا يمكن الاستئناس بها كدليل وعي أو اعتبارها بداية صحوة لأنها غير إرادية وهي تنتهي بانتهاء المثير الخارجي لها و غياب الانعكاس الشَّرْطِي .
وبذلك فهي لا تعدو سوى أن تكون تحرك غرائزي يحكمه التعاطف بعيدة كل البعد 
عن الادراك الحقيقي لمسارات التحركات الواعية التي تمهد لبناء طرق الإصلاح في المجتمعات .
فالإصلاح والتصدي لكل مظاهر ظلم والطغيان وكل الآفات المغروسة في أجسام مجتمعاتنا سواء القديمة أو الحديثة منها والمستحدثة يستوجب منا الوعي الحقيقي بضرورة التغيير والمقاومة والتصدّي وهذا المنهج يستوجب التواصل والاستمرارية في الزمن .
فالتغيير الحقيقي لن يكون نتاج انتفاضة يوم أو يومين لتتوارى بعدها 
أو تخمد في انتظار ما يحركها ثانية .
وقد أصبحت المناسبتية أمرا تستغله السياسات العربية لما يرون فيه من متنفس يفرج عن كبت هم يمارسونه بأيديهم على الشعوب المنتفضة 
فيجعلون من تلك الانتفاضات العابرة دليل حرية مزعومة ووعي واهم لا وجود له حقيقة على أرض الواقع .
وذاك ما زاد من جهلنا وضياعنا وابتعادنا عن الطريق السليم وعمّق من جهلنا بأن أصبحنا شعوبا أقصى ما تمتلكه من وسائل العمل المعبر عن الارادة هو الانفعال 
الذي سرعان ما ينتهي وينقطع دون متابعة ودون تحويله إلى منهج مقاوم لكل ما نرفضه من ظلم وطغيان .
علما أن حركات التحرر والمقاومة الحقيقية على مرّ التاريخ كانت نتاج أفعال حقيقة ترجمت وعي ورفض معبّر عن السائد وليس انفعال .


بقلم .. منيرة الغانمي ـ تونس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق