علاقة الحق بالرأي )) .. بقلم .. منيرة الغانمي ـ تونس))
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحق والرّأي
ــــــــــــــــــــ
نلاحظ أن الكثير من الناس يمزجون بين الحق والرأي ، لذلك حين تجدهم يدافعون عن أرائهم تشعر وكأنهم يدافعون عن حق وليس مجرد رأي اجتهدوا فيه واجتهادهم قد يكون وافق الصواب وقد يكون مخطئا .
لذا قررت التعرض وبايجاز وببساطة حسب محصلتي المعرفية لذلك الطرح
وطبعا هنا رأيي و لأنه كذلك فهو اجتهاد ومن ثمة فهو قابل للنقاش.
ــ 1 ــــ الحق:
ــــــــــــــــــــــ
هو مفهوم ثابت لا يتغير بعوامل أخرى مثل الموقف ، الأشخاص ،
فالحق يبقى حقا ولا يبلى ولايتغير بمفعول الزمن
إضافة إلى أن الحق مبني على معايير موضوعية وعامة
ومثال عن ذلك ، نقول أن الله حق وهو كذلك إلى أن يرث الأرض ومن عليها
والعديد من الآيات الأخرى والتي تمثل حقائق كونية
تلك حقائق يحكمها مبدأ التسليم بها لا مناقشتها
وهذا ما يميز الحقيقة عن النظرية والتجربة
فالنظرية والتجربة تبقى كذلك إلى أن يتم اثباتها لتصبح حقيقة وإلا فهي لن تتعدى كونها تجربة أو نظرية من الممكن دحضها بما يناقضها أو دعمها بما يؤيدها
مثل نظرية التطور عند دروين لم تصبح حقيقة لأنه لم يستدل عليه بحقائق
فبقيت في مستوى أنها نظرية
ــ 2 ــــ الرأي الشخصي أو وجهة النظر الشخصية :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
آراؤنا الشخصية تبقى نتاج لموروثات اجتماعية ، فكرية وعقائدية منها ما يوافق الحق ومنها ما لايوافقه .
إلى جانب أن الرأي يبنى على نظرة شخصية تقييمية للأشياء
لا يمكن تعميمها لتصبح عامة
فالآراء الشخصية أو وجهات النظر الشخصية لا يمكن فرضها على الآخر
لأنها متغيرة وليست ثابتة
فمن الممكن أن نغير أرائنا في نفس الموقف أو في مواقف مختلفة
وبذلك فالرأي قد يأتي أحيانا موافقا للحق ولكن ذلك لا يعني أن كل أرائك صحيحة وأنك أنت المحق ومعك الحق
فقد يأتي رأيك غير موافق للحق في أحيانا أخرى
علما أن التمسك بالرأي في حال وجود من يخالفه ويناقضه لا يعني أن صاحب الرأي محقا أو ذاك الرأي قد أصبح حقا يجب الإذعان إليه.
لذلك عندما نحكم على موقف حياتي استوجب منا تحكيم العقل فيه وهنا يجب أن نتحدث عن رأي شخصي وليس عن حق .
نسبية الصحة في الرأي الشخصي تدفع بنا إلى الحديث عن ** الخطأ **
** الخطأ **
ـــــــــــــــــــــــــــ
في الخطأ يجب التفرقة بين الخطأ المقصود والخطأ غير المقصود .
* 1 * فالخطأ غير المقصود :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخطأ غير المتعمد أو المقصود لا يخلو منه إنسان على وجه البسيطة لأن كل بني آدم خطّاء كما أخبر بذلك رسول الله عليه الصلاة والسلام وهذا النوع من الخطأ يبقى خيرا طالما اعترف صاحبه به وأذعن للإصلاح دون أن يتملك به الكبر والتكبر عن الاعتراف بخطئه .
وقد قال رسول الله عليه الصلاة والسلام " خَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ "
(( 7691- أَخْبَرَنَا الْحَسَنُ بْنُ يَعْقُوبَ الْعَدْلُ،، ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي طَالِبٍ، ثَنَا زِيَادُ بْنُ الْحُبَابِ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَسْعَدَةَ الْبَاهِلِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: " كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ ".
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ. ))
وبذلك فهذا الخطأ غير العمدي يُقْبَل من الناس مع تصحيح مرتكبه حال معرفة الصواب
والاعتذار هنا كفيل بإعادة الأمور إلى نصابها ويحبذ أن يكون الاعتذار بعد الاقتناع بالخطأ لأن الاعتذار لمجرد الإرضاء مع مواصلة الخطأ لا يعني تصحيحا ولا إصلاحا
* 2 * أما الخطأ المقصود أو المتعمد :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فذاك الخطأ لا يعتبر مجرد خطأ بقدر ما هو ذنب كبير يستحق العقاب عليه في الدنيا وإن لم يتب منه مرتكبه يلحقه الخزي والعقاب في الأخرة
ومن بين تلك الأخطاء المتعمدة ، وإن كانت كثيرة سأخذ منها وعلي سبيل االمثال لا الحصر ، نشر الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام
إن نشر أحاديث غير محققة أو اشتهرت بضعفها وعدم صحتها ونُسِبَت إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام تعتبر ذنبا كبيرا لأن في ذلك كذبا متعمدا على رسول الله عليه الصلاة والسلام وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم : " إن كذبا علي ليس ككذب على أحد من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" رواه البخاري (1229) ، ورواه مسلم في مقدمة صحيحه (3) دون قوله : " إن كذبا علي ليس ككذب على أحد " .
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لا تكذبوا علي فإنه من كذب علي فليلج النار " رواه البخاري (106).
وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " من حدث عني بحديث يُرَى أنه كذب فهو أحد الكاذبِِينَ" رواه مسلم .
*****************************
الملخص
ـــــــــــــــ
ـــــ وجوب التعامل مع أرائنا على أنها اجتهاد شخصي قد يوافق الصواب وقد يوافق الخطأ ولا داعي لاعتبارها مُنَزَّهة عن الزلل لأننا بشر ولم نبلغ مرتبة الكمال لنلبس آراءنا رداء الحق .
ــــــ التحرّي فيما يُنْشر من الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام وعدم استسهال النسخ والنقل فهناك على النت ما يساعدنا على البحث في مدى صحة الحديث
والبحث عن تخريجه حتى لو كان للحديث معنىً جميلا فيبقى كذِبًا.
ـــــــ ثقافة الاعتذار جميلة جدا لما لها من تأثير على النفس ومدى مساهمتها في نشر التسامح والصفح والصفاء بين المجموعة .
لكن يُرجى أن يكون الاعتذار صادقا ، نقيا وناتجا عن اقتناع ونابعا من بين ثنايا الخلاف وليس خارجا عنه لغايات أخرى كإرضاء أحد الأطراف مثلا ، بحيث أن ذلك النوع من الاعتذار سيزيد الخلاف تعقيدا وسوءا
\
بقلم .. منيرة الغانمي ـ تونس
ــــــــــــــــــــ
شكرا لكم والمعذرة عن الإطالة .. \ ..